المد: أحكامه وأنواعه في التجويد
المدود في تلاوة القرآن الكريم من الأحكام الأساسية التي يجب على القارئ تعلمها لضمان نطق الآيات بشكل صحيح، حيث تلعب المدود دورًا محوريًا في تحسين الفهم والانتقال بين الكلمات بشكل طبيعي وفقاً للتجويد. من هنا تأتي أهمية الإلمام بأنواع المدود وأحكامها. هذا المقال عبر أكاديمية الإحسان يقدم شرحًا وافيًا لتعريف المد، وأقسامه، مع توضيح درجاته في علم التجويد.

تعريف المَدّ

المَدّ لغةً يعني الزيادة أو الإطالة. أما في الاصطلاح فيُعرف المَدّ بأنه إطالة الصوت بحرف من حروف المَدّ أو اللين. حروف المَدّ هي الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها. أما حروف اللين فهي الواو والياء الساكنتين بعد فتح، مثل “خوْف” و”صيْف”، وتختلف عن حروف المد من حيث المواضع التي يتم فيها مد الصوت.

أنواع المد

ينقسم المد في تلاوة القرآن إلى قسمين رئيسيين: المَدّ الأصلي (الطبيعي) و المَدّ الفرعي.

1. المد الأصلي (الطبيعي)

المَدّ الأصلي هو المَدّ الذي لا يتطلب سببًا خارجيًا لإطالته، بمعنى أن الحرف نفسه لا يقوم إلا بوجود المَدّ فيه. ويمد بمقدار حركتين. يُسمى طبيعيًا لأن القارئ يمده بشكل طبيعي دون زيادة أو نقصان. كما يُسمى أصليًا لأنه يُعد أساس جميع أنواع المدود الأخرى، ولأن الحرف لا يُعتبر مدا إلا بوجوده. أمثلة المد الأصلي هي الكلمات التي لا يلي حرف المَدّ فيها همز أو سكون مثل: “قال”، “نوحيها”، و”يقول”. يمكن تقسيم المَدّ الأصلي إلى عدة أنواع:
  • المَدّ الطبيعي الثابت وصلاً ووقفاً: يظهر المد في كل من الوصل والوقف، مثل “قال”.
  • المَدّ الطبيعي الثابت في الوقف دون الوصل: يظهر المد فقط عند الوقف، مثل “أنا” في حالة الوقف على ألف “أنا”.
  • المَدّ الطبيعي الثابت في الوصل دون الوقف: يظهر المد فقط عند الوصل، مثل بعض الحروف في أوائل السور.
  • المَدّ الطبيعي الحرفي: ويكون في هجاء الحروف في بدايات بعض السور، مثل “الم”.

2. المَدّ الفرعي

المَدّ الفرعي هو المَدّ الذي يتطلب سببًا خارجيًا لإطالته، مثل الهمزة أو السكون. هذا المَدّ يأتي نتيجة التقاء حرف المَدّ مع همز أو سكون، ما يؤدي إلى زيادة المد عن طوله الطبيعي. وينقسم المَدّ الفرعي إلى قسمين رئيسيين:

أ- المَدّ الفرعي بسبب الهمزة

  • مد البدل: يحدث عندما يتقدم الهمز على حرف المد في الكلمة، مثل “آمنوا”. يُمد بمقدار حركتين فقط.
  • المَدّ الواجب المتصل: يحدث عندما يأتي الهمز بعد حرف المد في نفس الكلمة، مثل “مآء”. يجب مده من أربع إلى ست حركات.
  • المَدّ الجائز المنفصل: يحدث عندما يأتي الهمز بعد حرف المد ولكن في كلمة أخرى، مثل “يا أيها”. يُمد من حركتين إلى خمس حركات.

ب- المَدّ الفرعي بسبب السكون

  • المَدّ اللازم: يأتي بعده سكون لازم سواء وصلاً أو وقفاً، مثل “الحآقة” و”الضآلين”. يُمد ست حركات دائمًا ويُعتبر أقوى أنواع المدود.
  • المَدّ العارض للسكون: يحدث عندما يتعرض حرف المد للسكون بسبب الوقف، مثل “العالمين” عند الوقف. يجوز مده بمقدار حركتين، أربع حركات، أو ست حركات.

درجات المدود

تختلف قوة المدود بناءً على عدد الحركات المطلوبة لكل نوع. كلما زاد عدد الحركات زادت قوة المد. وعليه فإن المَدّ اللازم هو أقوى المدود لعدم جواز مده أقل من ست حركات سواء في الوقف أو الوصل، بينما يُعتبر مد البدل أضعف المدود لأنه لا يمد أكثر من حركتين.

اجتماع أسباب المد

عندما يجتمع سببان من أسباب المد في حرف واحد، يُعمل بالسبب الأقوى. على سبيل المثال، في كلمة “آمِّينَ” في قوله تعالى: ﴿وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾، يجتمع سببان: مد البدل لأن الألف المدية جاءت بعد همزة، والمَدّ اللازم لأن بعد الألف حرف مشدد. بما أن المَدّ اللازم أقوى، فإنه يُمد ست حركات.

أهمية تعلم المدود

فهم المدود وأحكامها يساهم في تلاوة القرآن بشكل صحيح وسليم وفقاً لقواعد التجويد. تعلم المدود يحتاج إلى تدريب وتطبيق عملي تحت إشراف شيخ أو معلم متخصص لضمان صحة التلاوة والإلمام بكافة أحكامها. ختاماً، فإن تعلم أحكام المدود يساعد القارئ على تلاوة القرآن الكريم بإتقان، مما يضمن سلامة المعاني ودقة الأداء، ويجعل القراءة أكثر وضوحاً وجمالاً.